عندئذٍ طرحوا أسئلتهم على زوجتي. فكانوا لطفاء معها ولكنهم كتبوا عنها كلاماً لم تقله كما فعلوا معي.فسألوها هل كان يلبس ربطة عنق صفراء؟ هل هو أسمر؟ ما مدى اسمرار بشرته؟ هل كان يبدو أجنبياً؟
وفي صباح اليوم التالي انتشرت الصحف الصباحية في كل أرجاء (كليبول). …(الممثلة المقتولة-القصة الكاملة)…هذه القصة تنسب إلي ولكنها نوعاً ما ليست حقيقية كما يبدو ذلك من الصحف. لقد قرأت كل الصحف ووجدت صورتي وصورة حانوت الآنسة (بورتيوس) كأنه مكان مهجور وكئيب وصورة الآنسة (بورتيوس) نفسها. وعلى كل هذه الصحف عناويين سوداء بارزة:
"لا يزال البحث عن قاتل الممثلة مستمراً" "الشرطة مهتمة بالتحقيق مع رجل أجنبي يلبس ربطة عنق صفراء" "ديزدمونا في الحياة الواقعية: هل هي ضحية للغيرة؟" "الممثلة المنعزلة ذات الأطوار الغريبة وجدت ميتة في الحمام" "الحياة الغامضة لممثلة تلبس الفراء في أيام الصيف الحار" "الممثلة الجميلة ذات الشعر الأحمر، التي لم تتحدث لأي شخص" "اختفاء الرجل الأجنبي صاحب البشرة السمراء"
ذلك اليوم كان يوم الأحد. في مساء هذا اليوم احتشد في بلدة (كليبول) مئات من الناس لم يأتوا إليها أبداً من قبل. كانوا يمرون عند حانوت الآنسة (بورتيوس) وحانوتي بأعداد هائلة. البعض في سياراتهم ومنهم يمشي على الأرجل والبعض على الدراجات الهوائية. وكانوا يحملقون في نوافذ حانوت الممثلة الميتة. وقد تخطوا سياج حديقتي الخلفية وسحقوا مكان الزهور بأقدامهم، إلى أن أوقفهم رجال الشرطة. وفي آخر المساء كان الحشد كبيراً جداً بحيث أنني أسدلت الستائر مرة أخرى، وعند الساعة السادسة أقفلت الحانوت.واستمر رجال الشرطة في إبعاد المتجمهرين ولكن دون جدوى. فلقد كانوا يندفعون من الشارع الرئيسي إلى الشوارع الفرعية ثم إلى الشوارع الخلفية ، ويعودوا إلى الشارع الرئيسي مجدداً.
مئات من الناس كانوا يرون حانوت الآنسة (بورتيوس) في كل يوم من أيام حياتهم، فجأة احتدمتهم رغبة في التفرج عليه. كانوا يكثرون التحديق في المظلات الشمسية للنوافذ وكأنها مرصعة بالجواهر. وكانوا يتقاتلون لإلقاء نظرة على النافذة الزجاجية لحمام الآنسة (بورتيس) .وقد غصت كل حوانيت الشاي في (كليبول) بالناس.
وطيلة ذلك اليوم كان بعض المراسلين والمصورين وبعض من المحققين يتجولون حول المنزل والحديقة. وكذلك في اليوم التالي. وفي صباح يوم الأحد هذا، فاتني الذهاب إلى الكنيسة-التي اعتدت إلقاء النشيد فيها- للمرة الأولى منذ عشر سنوات تقريباً. ولم تستطع زوجتي النوم وكانت منهكة نفسياً وتبكي باستمرار. وامتلأت صحف يوم الأحد بالقصة مرة أخرى . العناوين البارزة وصور الآنسة (بورتيوس) المسكينة، وحانوتها وصورة نافذة الحمام وصورة حانوتي. وفي ذلك المساء بدأ التجمهر مجدداً بأعداد أكثر من قبل. وبالرغم أن كل حوانيت الشاي لا تفتح أيام الأحد كما هو معتاد إلا أنها فتحت في ذلك اليوم وازدحمت بالناس. وبدأ رجل يتجول في الشوارع ويبيع صور تذكارية لشارع بلدة (كليبول) الرئيسي بثلاثة بنسات، وبدا الأمر وكأنه يبيع جنيهات أو شعيرات من رأس الآنسة (بورتيوس). وفتحت حوانيت الحلويات. فترى الناس يشترون كرامل (كليبول) وحلوى التوفي لـ(كليبول)، وهي تتميز بها البلدة. وقد قامت الشرطة بتجنيد رجالاً إضافيين، وإلى الساعة العاشرة لايزال أشخاص غرباء يتجولون في الجوار، عائلات بكاملها، مع أطفالهم وبلباس يوم الأحد، يحدقون بأعينهم في نوافذ الآنسة (بورتيوس) وأفواههم فاغرة.
وبعد الظهر من ذلك اليوم….
(6)