دائما تعبر الأمثال الشعبية بطريقة أو بأخرى عن حال المجتمع ، وإلى الآن مازال يرددها الأجداد وتتوارثها الأجيال ، لتقدم حكمة ما بطريقة ساخرة ، ولم تترك الأمثال الشعبية المصرية حالة أو شخصية إلا وذكرتها بطريقة ساخرة قريبة للقلب ، وما أكثر الأعمال الفنية القديمة التى امتلأت بالأمثال التي أحبها الجميع وظلت معلقة فى الأذهان مثل "اللي يجوز أمي أقوله يا عمي" والتى جاءت على لسان سعيد صالح بمسرحية "هالو شلبي".
وكان للأم نصيب لا بأس به فى الأمثال ، وفى عيدها سنتذكر بعض الأمثال التى وردت في تراثنا الشعبي بحلوها ومرها ، فذكرت مكانة الأم التي كان لها نصيب الأسد بالمقارنة بالأب ، ربما يرجع الأمر إلى قول أجدادنا بأن "الأم تعشش والأب يطفش" وهو مثل معروف يضرب علي حنان الأمهات فدائما هي التي تحوط على الصغار بعكس شكيمة الأب التي ينفر منها الأبناء وتجعلهم "يطفشون" أحياناً ، لذلك " إللى مالوش أم حاله يغم" ، و"اللي عند أمه ميتحملش همه" أي من ينعم بقرب الأم لا يحمل الهموم وملك حنان الدنيا
هذا لا يعنى أن كل الأبناء في التراث يعترفون بالجميل ومكانة الأم ، فالبعض لا يقدر هذا سواء بالجحود أو بعدم احتمال المسؤولية ، فليس هناك ما يوحي بالدهشة عندما تتردد على لسان الأم بمنتهي الأسي و" قلبي على ولدي انفطر وقلب ولدي عليا حجر"، وفي الوقت نفسه مهما وصل الابن الجاحد من جبروت تفضل الأم تظل تنادي و"تدادي" لا "البطن متجبش عدو" معناه يشير إلى أن الولد لا يمكن أن يكون عدواً لوالديه مهما أظهر من بغض وانحراف أو بدا منه سوء خلق ، لذا نجد أن أمه دائما لا تكل أو تمل بمحاولات الإصلاح والاستعطاف "فيك بدادي ، وأنت بتقطع أوتادي" يضرب هذا المثل عند مقابلة الخير بالشر ومعناه يشير إلى أن الابن يقابل الاعتناء والمواساة بقطع الأوتاد وتخييب الآمال ، ومهما بلغت القسوة لا تقبل دائماً الإهانة لأبنائها ، ويتضح ذلك في " ادعي على ابني واكره اللي يقول آمين" ويضرب فى الشفقة على الأولاد ، والدعاء عليهم باللسان دون القلب، لأن "أم القعود فى البيت تعود " والقعود هو الصغير من البعران ، والمراد من المعني أنه من كان لها ولد وفارقته لا تلبث أن تعود شوقاً لولدها مهما كان قسوة أسباب الفراق ..
ولا يجد الأبناء سوي حضن الأم للشكوى أو المواساة ، وخاصة من قبل البنات وخاصة إذا كانت عانس ، فتظل بالقرب من أمها تنعي حظها وتندب بين الحين والآخر ، ولا تجد من يشاطرها هذه الهموم سوي الأم ، وها هي السمراء تتمني الزواج قائلة " ياريتنى يا أمه كنت بيضة وبضب أصل البياض يا أمه عند الرجال يتحب " ويصور هذا المثل تفضيل الرجال للنساء البيضاء وبغضهن للسمراء ، وأخرى تشكو الوحدة وطول الانتظار أثناء عملها اليومي بأعمال المنزل " طلعت فوق السطوح هز الهوى كمي كل البنات أتجوزت وأنا قاعدة جنب أمي" ..
ومهما بلغت الابنة من دمامة ومر بها قطار العمر تظل جميلة فى عيون أمها وتراها أحلى النساء ، ويحمل هذا المعنى الكثير من الأمثال "القرد في عين أمه غزال" و"الخنفسة عند أمها عروسة" والمثل المتداول الذي يحمل قدر كبير من الطرافة القائل "خنفسة شافت ولادها على الحيطة قالت لولي وملضوم فى خيط " أي أن الخنفسة تري أولادها كعقد حباته من اللؤلؤ ، وهو حال الأم دائماً تري أولادها هم أحسن ناس في الدنيا قد يكون هذه النظرة ترجع إلى أن الأبناء يتوارثون الكثير من عادات وشكل الآباء ، والبنت دائماً تشبه أمها " أقلب القدرة على فمها تطلع البنت لأمها" والولد أيضاً "اكفي القدر ع تمه يطلع الولد لأمه" ..
ولم تسلم الأم من لسان حماتها أو أسرتها أو الجيران إذا قصرت في حق أبنائها وانشغالها بشئ آخر ، فيتهامسون عليها "فاتت ابنها يعيط وراحت تسكت ابن الجيران" ، وأحياناً تتهم بالهبل والتقصير "ابن الهبلة يعيش اكتر" هذا المثل يعني أن البلهاء عادة لا تعتني بولدها فينشأ مهملاً فى كل شئ وفى الوقت نفسه يريدون مثله لأنه ربما عاش أكثر من الذي أعتني به ، نفس المعنى يؤديه "أم بربور تجيب الشاب الغندور" ويشير إلى أن
الأم البلهاء رثة المظهر تنجب شاب غندور يتباهي بجماله وهيئته ..