هل حاسبت نفسك حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا
[*] عرّف الماوردي المحاسبة فقال: أن يتصفح الإنسان في ليله ما صدر من أفعال نهاره فإن كان محموداً أمضاه وأتبعه بما شاكله وضاهاه ، وإن كان مذموماً استدركه إن أمكن وإن لم يمكن فيتبعها بالحسنات لتكفيرها وينتهي عن مثلها في المستقبل .
وعرّف بعضهم المحاسبة بأنها: قيام العقل على حراسة النفوس من الخيانة ليتفقد زيادتها ونقصانها، وأنه يسأل عن كل فعل يفعله لمَ فعلته ، فإن كان لله مضى فيه و إن كان لغير الله امتنع عنه وأنه يلوم نفسه على التقصير والخطأ وإذا أمكن المعاقبة أو صرفها إلى الحسنات الماحية .
×هل حاسبت نفسك يوماً ما :
×أخي الحبيب: أختي الفاضلة
حاسب نفسك في خلوتك وتفكر في انقراض مدتك واعمل في زمان فراغك لوقت شدتك وتدبر قبل الفعل ما يملى في صحيفتك وانظر: هل نفسك معك أوعليك في مجاهدتك لقد سعد من حاسبها وفاز والله من حاربها وقام باستيفاءالحقوق منها وطالبها وكلما ونت عاتبها وكلما تواقفت جذبها وكلما نظرت فيآمال هواها غلبها 0
×أخي الحبيب : أختي الفاضلة
هل خلوت بنفسك يوماً فحاسبتها عما بدر منها منالأقوال والأفعال؟ وهل حاولت يوماً أن تَعُدَّ سيئاتك كما تَعُدَّ حسناتك؟ بل هلتأملت يوماً طاعاتك التي تفتخر بذكرها ؟! فإن وجدت أن كثيراً منها مشوباًبالرياء والسمعة وحظوظ النفس فكيف تصبر على هذه الحال، وطريقك محفوفبالمكارة والأخطار؟! وكيف القدوم على الله وأنت محمل بالأثقال والأوزار]يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّاقَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَاتَعْمَلُونَ وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنسَاهُمْ أَنفُسَهُمْ أُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ/[الحشر:19،18]. وقال تعالى: ]وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنصَرُونَ[الزمر:54]
[*]×وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: (حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبواوطالبوا بالصدق في الأعمال قبل أن تطالبوا وزنوا أعمالكم قبل أن توزنوافإنه أهون عليكم في الحساب غداً وتزينوا للعرض الأكبر:
[عزيزي الزائر يتوجب عليك التسجيل للمشاهدة الرابطللتسجيل اضغط هنا]]]
>
[ الحاقة : 18]
[*]×وقال الحسن البصري رحمة الله: (أيسر الناس حساباً يوم القيامة الذين يحاسبوا أنفسهم لله عز وجل في الدنيا فوقفوا عند همومهم وأعمالهم فإن كانالدين لله هموا بالله وإن كان عليهم أمسكوا وإنما يثقل الحساب على الذين أهملوا الأمور فوجدوا الله قد أحصى عليهم مثاقيل الذر فقالوا:
[عزيزي الزائر يتوجب عليك التسجيل للمشاهدة الرابطللتسجيل اضغط هنا]]]
>
[عزيزي الزائر يتوجب عليك التسجيل للمشاهدة الرابطللتسجيل اضغط هنا]]]
>
وقد مدح الله تعالى أهل طاعته بقوله تعالى : }ْ إِنَّ الَّذِينَ هُم مِّنْ خَشْيَةِ رَبِّهِم مُّشْفِقُونَ وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ وَالَّذِينَ هُم بِرَبِّهِمْ لا يُشْرِكُونَ وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ ماَ آتَوا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ أُوْلَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ {
(المؤمنون الآية 57 - 61) .
(حديث عائشة رضي الله عنها الثابت في صحيحي الترمذي وابن ماجة ) قالت : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذه الآية: (وَالّذِينَ يُؤْتُونَ مَآ آتَواْ وّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ) [ المؤمنون : 60] قالت عائشة هم الذين يشربون الخمر ويسرقون قال لا يا بنت الصديق ولكنهم الذين يصومون ويصلون ويتصدقون وهم يخافون أن لا يقبل منهم أولئك الذين يسارعون في الخيرات .
×أخي الحبيب : أختي الفاضلة
كان السلف الصالح رحمهم الله تعالى يتقربون إلى الله بالطاعات،ويسارعون إليه بأنواع القربات، ويحاسبون أنفسهم على الزلات، ثم يخافون ألايتقبل الله أعمالهم، وإن المؤمن يفجأه الشيء ويعجبه فيقول: والله إني لأشتهيك، وإنك لمن حاجتي، ولكن والله ما من صلة إليك، هيهات هيهات، حيل بيني وبينك ، ويفرط منه الشيء فيرجع إلى نفسه فيقول: ما أردت إلى هذا؟ مالي ولهذا؟ والله لاأعود إلى هذا أبداً، إن المؤمنين قوم أوقفهم القرآن، وحال بينهم وبين هلكتهم، إن المؤمن أسير في الدنيا يسعى في فكاك رقبته، لا يأمن شيئاً حتى يلقى الله، يعلم أنه مأخوذ عليه في سمعه وفي بصره، وفي لسانه وفي جوارحه،مأخوذ عليه في ذلك كله.
[*] فهذا الصديق رضي الله عنه: كان يبكي كثيراً، ويقول: ابكوا، فإن لم تبكروا فتباكوا، وقال: والله لوددت أني كنت هذه الشجرة تؤكل وتعضد.
[*] وهذا عمر بن الخطاب رضي الله عنه: قرأ سورة الطور حتى بلغ قوله ][الطور:7]. فبكى واشتد في بكاؤه حتى مرض وعادوه. وكان يمر بالآية في ورده بالليل فتخيفه، فيبقى في البيت أياماً يعاد، يحسبونه مريضاً، وكان في وجهه خطان أسودان من البكاء!!.
وقال له ابن عباس رضي الله عنهما: مصر الله بك الأمصار، وفتح بك الفتوح وفعل، فقال عمر: وددت أني أنجو لا أجر ولا وزر!!.
[*] وكتب عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى بعض عماله: (حاسب نفسك في الرخاء قبل حساب الشدة، فإن من حاسب نفسه في الرخاء قبل حساب الشدة، عاد أمره إلى الرضا والغبطة، ومن ألهته حياته،وشغلته أهواؤه عاد أمره إلى الندامة والخسارة .
[*] وهذا عثمان بن عفان ـ ذو النورين ـ رضي الله عنه: كان إذا وقف على القبر بكى حتى تبلل لحيته، وقال: لو أنني بين الجنة والنار لا أدري إلى أيتهما يؤمر بي، لاخترت أن أكون رماداً قبل أن أعلم إلى أيتهما أصير!!.
[*] وهذا علي بن أبي طالب رضي الله عنه: كان كثير البكاء والخوف،والمحاسبة لنفسه. وكان يشتد خوفه من اثنتين: طول الأمل واتباع الهوى. قال: فأما طول الأمل فينسى الآخرة، وأما اتباع الهوى فيصد عن الحق.
[*] وقال الحسن رحمه الله تعالى : لا تلقي المؤمن إلا بحساب نفسه: ماذا أردت تعملين؟ وماذا أردت تأكلين؟ وماذا أردت تشربين؟ والفاجر يمضي قدماً لايحاسب نفسه.
Ãوقال أيضاً :إن العبد لا يزال بخير ما كان له واعظ من نفسه، وكانت المحاسبة همته.
Ãوقال أيضاً : المؤمن قوام على نفسه، يحاسب نفسه لله، وإنما خف الحساب يوم القيامة على قوم حاسبوا أنفسهم في الدنيا، وإنما شق الحساب يومالقيامة على قوم أخذوا هذا الأمر من غير محاسبة.
[*] وقال قتادة في قوله تعالى: ]وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا/][الكهف:28] أضاع نفسه وغبن، مع ذلك تراه حافظاً لماله، مضيعاً لدينه.
[*] وقال ميمون بن مهران: لا يكون العبد تقياً حتى يكون لنفسه أشد محاسبة من الشريك لشريكه، ولهذا قيل: النفس كالشريك الخوان، إن لم تحاسبه ذهب بمالك.
[*] وذكر الإمام أحمد عن وهب قال: مكتوب في حكمة آل داود: حق على العاقل ألا يغفل عن أربع ساعات: ساعة يناجي فيها ربه، وساعة يحاسب فيهانفسه، وساعة يخلوا فيها مع إخوانه الذين يخبرونه بعيوبه ويصدقونه عن نفسه،وساعة يخلي فيها بين نفسه وبين لذاتها فيما يحل ويجعل، فإن في هذه الساعةعوناً على تلك الساعات وإجماماً للقلوب.
[*] وكان الأحنف بن قيس يجئ إلى المصباح، فيضع إصبعه فيه ثم يقول: حس يا حنيف، ما حملك على ما صنعت يوم كذا؟ ما حملك على ما صنعت يوم كذا؟
[*] وقال مالك بن دينار: رحمه الله عبداً قال لنفسه: ألست صاحبةكذا؟ ألست صاحبة كذا؟ ثم ألزمها، ثم خطمها، ثم ألزمها كتاب الله عز وجل،فكان لها قائداً.
[*] وقال ابن أبي ملكية: أدركت ثلاثين من أصحاب النبي rكلهم يخاف النفاق على نفسه، ما منهم أحد يقول إنه على إيمان جبريل وميكائيل!!
×أخي الحبيب : ترقب واعظ الله في قلبك ، واستفد من مواعظه أيما استفادة واجعل له من سمعك مسمعاً ومن قلبك موقعاً ، وقل له بلسان حالك سمعاً وطاعة ، ولك الشكر والامتنان وعلى الخضوع والإذعان ، وامتثل خشية الرحمن وامتثال القرآن وجنب نفسك العصيان والخذلان واستحواذ الشيطان قَبلَ أن تقولَ نفسٌ : يَا حَسْرَتَى علَى مَا فَرَّطتُ فِي جَنبِ اللَّهِ ، فيقالُ : هَيْهَاتَ فَاتَ زَمَنُ الإِمْكَانِ ، انتهى الزمان وفات الأوان .