501 درجة !!
لم يكن شباط هذا كما كان سابقاً، فقد كان شباط الـ 501 درجة !!
بدأت قصتي عندما قررت السكن في ذلك الحي المدعو بـ"شارع تل"، ذاك الحي البارد الماطر الذي ينتصب بين الغيوم، بل وربما فوقها.
في أول أيامي لم يكن استيقاظي كما كان معتاداً، بل كان أجمل وأكثر شاعرية على صوت "أبو أشرف التلاوي"، العجوز ذو القبعة الصوفية السوداء المزركشة والشارب الأبيض العريض ممتطيا حماره "القبرصي" المثقل بجرار الحليب واللبن ومتجولاً يطلب رزقه، أما الجزء الأفضل فقد كان قهوتي الصباحية "الثقيلة" المعتادة التي أحببت شربها من على شرفة الشقة المطلة على الـ501 درجة المودية إلى الحرم الجامعي القديم.
قصتي مع الـ501 درجة صعوداً عصراً ونزولاً صباحاً لم تكن مجرد حدث عابر، أو روتين يومي تكسره مقالة فضفاضة، بل كانت أكثر من مجرد عشر دقائق من الصعود أو الهبوط، فكل درجة تروي في ثناياها قصة وواقعاً يوميا متسلسلاً، ابتداءاً بشرفة "أم محمد" وجاراتها وأحاديث الصباح برفقة القهوة ورائحتها الفواحة، ومروراً بأطفال الروضة وطلاب المدارس والجامعيين، و"أبو خالد النابلسي" مناديا من شباك سيارته :" يللا يا رجاء اتاخرنا"، وأصحاب السيارات الصفراء المستنفرة، وانتهاءاً بآخر درجة، وهنا تكون قد وطأت المحطة الأخيرة، لتجد نفسك على مشارف الحرم الجامعي القديم، مستقبلاً نهارا جامعياً جديداً لن يخل من عبارة "طالب يا استاز؟ بطاقة لو سمحت" ولن يخلو أيضاً من زيارة لدكان "عزيز الفوريكي" المحاذي للحرم.
وهنا، تكتشف أن نهارك جميل، ولكنه سيكون أجمل لولا تلك الـ501 درجة!!