برشلونة وريال مدريد، الناديان الكبيران و الغريمان التقليديان الأزليان
ليسا فريقين ناجحين تمتلئ خزائنهما بعشرات الألقاب و التتويجات فحسب،
بل هما قيمة ثابتة في بورصة المال و الأعمال تتسابق أكبر الشركات العالمية
لخطب ودهما ونيل رضاهما بغية الاستفادة من الصيت الهائل للميرينغي والبلوغرانا عبر أرجاء المعمور.
كما يعلم الجميع، فإن مصادر دخل الأندية تتكون من العناصر التالية :
* دعم المحتضن الرسمي.
* العقود الإعلانية و الإشهارية المبرمة مع الرعاة و الشركاء.
* عائدات بيع حقوق النقل التلفزي.
* مداخيل الملعب عن طريق عائدات بيع التذاكر.
* بيع المنتجات المشتقة من أقمصة وغيرها في المحلات التجارية التابعة للنادي.
* مداخيل بيع اللاعبين.
* واجبات الانخراط من أعضاء النادي أو Socios .
أما المصاريف، فتتكون في جملتها من:
* أسعار جلب اللاعبين.
* رواتب اللاعبين و الجهاز الفني و مختلف الموظفين في النادي، إضافة إلى المنح.
* صيانة المنشآت و ملاعب النادي.
* مصاريف التنقلات و الأسفار و غيرها من التكاليف المرتبطة بالسير العادي للفريق.
* الضرائب التي تدفع لخزينة الدولة الإسبانية.
* الأقساط المدفوعة للأبناك كتعويض عن القروض البنكية التي يأخذها النادي لتمويل مختلف أنشطته.
في هذا الإطار، فإن مكتب الدراسات المالية ديلويت تاتش توهماتسو Deloitte Touche Tohmatsu
و هو من أكبر 4 مكاتب في مجال تخصصه على مستوى العالم، يقوم سنويا بوضع تصنيف لأغنى أندية العالم
تحت مسمى العصبة المالية The Money League، معتمدا على المداخيل التي تحققها هذه الأخيرة.
قائمة ديلويت لا تأخذ بعين الاعتبار في تصنيفها عائدات بيع اللاعبين لأنها تعتبر من المداخيل غير الثابتة
أي أنه ليس لها طابع اعتيادي في السير العام للفريق و مداخيلها قد تعرف تفاوتا كبيرا بين سنة و أخرى
فمثلا بإمكان ناد ما بيع 10 لاعبين بسعر عال في موسم معين ليظهر ضمن قائمة الأندية الأغنى
ثم بيع لاعبين أو ثلاث في الموسم الذي يليه بسعر منخفض فلا يظهر له أثر في التصنيف
الأمر ذاته ينطبق على العائدات المادية التي تجنيها الأندية جراء فوزها بالبطولات.
بالإضافة إلى ذلك، فإن تصنيف ديلويت لأغنى أندية العالم لا يدخل في حيز اهتمامه الضريبة
على القيمة المضافة (TVA (Taxe sur la valeur ajoutée)- (Tax on value added
ومختلف الضرائب الأخرى التي يحصلها النادي من خلال مداخيله، و ذلك لسببين جوهريين:
أولهما أن نسب الضريبة على القيمة المضافة ووعاءها غير موحدين على مستوى السوق الأوروبية المشتركة،
ثانيهما أن بعض دول هذه السوق لا تطبق أصلا نظام الضريبة على القيمة المضافة و تلجأ لأساليب أخرى محله.
نقطة أخيرة ينبغي الإشارة إليها قبل الدخول في تفاصيل مداخيل الغريمين لموسم 2009 ـ 2008
و هي أن تصنيف ديلويت يأخذ بعين الاعتبار مداخيل الأندية فقط دون احتساب مصاريفها،
و لهذا نجد في التصنيف أندية لها مديونية كبيرة جدا.
في سياق متصل، قد يتساءل البعض عن سر وجود مديونية كبيرة لبعض الأندية رغم جنيها لمداخيل مهمة
لكن هذا يفسر من جهة بارتفاع مصاريف الفرق مما يقلص هامش الربح الصافي (المداخيل ـ المصاريف)
ومن جهة أخرى باعتماد جل الفرق على قروض بنكية لتمويل بعض من أنشطتها و إنعاش الخزينة،
وهي قروض تجعلها الأبناك طويلة الأمد في الغالب لتحقيق أعلى ربح ممكن عن طريق سعر الفائدة.
إذن و بصفة إجمالية، فإن تصنيف Deloitte Touche Tohmatsu يقسم مداخيل الأندية إلى 3 فروع ليقارن بينها
المداخيل التجارية، عائدات شباك التذاكر و مداخيل بيع حقوق النقل التلفزي.
لنبحر مع أرقام الغريمين.
1 ـ ريال مدريد (بمدخول 401.4 مليون يورو):
احتفظ الكبير ريال مدريد بمركزه الأول في قائمة أغنى أندية العالم للموسم الخامس على التوالي
ليصبح أول ناد تتجاوز مداخيله عتبة 400 مليون يورو.
مجموع إيرادات النادي الملكي بلغ بالضبط 401.4 مليون يورو بزيادة قدرها 35.6 مليونا (%10) مقارنة بالموسم السابق،
وذلك على الرغم من الموسم المخيب للمرينغي سواء على الصعيد المحلي أو الأوروبي.
عقد النادي مع ميديابرو جعل عائدات النقل التلفزي تحقق لريال مدريد أعلى قيمة نمو في مداخيله بزيادة بلغت 25 مليون يورو أي بنسبة %18.
عقد ميديابرو ـ بالإضافة إلى عقود أخرى ـ سيوفر للريال مداخيل تتجاوز 1.1 مليار يورو إلى غاية موسم 2014 ـ 2013
(مدة العقد 7 سنوات و هو يسري انطلاقا من موسم 2008 ـ 2007).
هنا تجدر الإشارة إلى أن الأندية الإسبانية تحظى بميزة هامة تتجلى في قدرتها على بيع حقوق النقل التلفزي بشكل فردي
دون تدخل من اتحاد الكرة المحلي عكس ما عليه الحال في إنجلترا، فرنسا، ألمانيا و إيطاليا (انطلاقا من موسم 2011 ـ 2010).
على سبيل المقارنة مثلا، فقد جنى ريال مدريد مجموع إيرادات نقل تلفزيوني تفوقت بمبلغ 43.7 مليون يورو ع
لى ما حصده نادي مانشيستر يونايتد و ذلك رغم تقدم الأخير إلى نهائي دوري الأبطال وحصوله على 18.1 مليونا أكثر
كعائدات نقل تلفزيوني لأمجد الكؤوس الأوروبية.
بصفة عامة، فقد بلغت مداخيل النادي الملكي من حقوق النقل التلفزيوني ما يناهز 160.8 مليون يورو
كأعلى رقم تحققه أندية العصبة المالية، وهو يشمل كذلك التوزيعات المركزية للاتحاد الأوروبي لكرة القدم
مداخيل المباريات الودية و عائدات قناة النادي.
بخصوص المداخيل التجارية للريال، فقد بلغت 139.2 مليون يورو بزيادة مقدارها 10.2 ملايين (%8)
طبقا للعقود طويلة الأمد مع الرعاة الكبار.
في هذا الصدد، فإن شركة بي وين المحتضن الرسمي لقميص المرينغي مددت عقدها مع النادي لثلاث سنوات إضافية إلى غاية موسم 2013 ـ2012
لتدفع بموجبه لريال مدريد مبلغا يتراوح ما بين 15 و 20 مليون يورو عن كل موسم، هذا دون إغفال عقد الرعاية مع أديداس و الجاري حتى موسم 2012 ـ 2011.
عائدات بيع التذاكر ـ من جانبها ـ استقرت عند عتبة 101.4 مليون يورو جناها ريال مدريد
من مبارياته الخمس والعشرين التي خاضها على أرضية ملعبه سانتياغو برنابيو،
أي ما يزيد قليلا عن 4 ملايين نظير كل مباراة (احتل الريال الرتبة الثانية من عائدات بيع التذاكر وراء المانيو الذي جنى 127.7 مليون يورو عن مبارياته في الأولد ترافورد
إجمالا، يمكن القول أن النمو المطرد لمداخيل النادي الملكي مكنه من إعلان ميزانية 422 مليون يورو
برسم موسم 2010 ـ 2009 الجاري الذي شهد انضمام مجموعة من النجوم الكبار لصفوف الفريق مما ينبئ بارتفاع مداخيل ريال مدريد أكثر و أكثر خلال القادم من السنوات.
2 ـ برشلونة (بمداخيل وصلت إلى 365.9 مليون يورو):
لا شك أن موسم 2009 ـ 2008 الذي شهد تتويج البارسا بالسداسية التاريخية ـ في إنجاز غير مسبوق ـ كان الأنجح في تاريخ النادي الكتلوني الكبير.
النجاح الرياضي الهائل و تراجع سعر صرف الجنيه الإسترليني مقارنة باليورو مكنا البارسا من التقدم للرتبة الثانية على لائحة الأندية الأغنى أوروبيا ليتراجع المانيو إلى المرتبة الثالثة.
مداخيل برشلونة بلغت 365.9 مليون يورو بزيادة قدرها 57.1 مليونا (%18) مقارنة بموسم 2008 ـ 2007 الذي شهد خروج النادي خالي الوفاض.
في سياق متصل، يجدر القول أن البارسا هو النادي الوحيد من فرق العصبة المالية الذي ضاعف إيراداته خلال خمس سنوات
بعد أن كان قد أعلن عن مداخيل لم تتجاوز 169 مليون يورو برسم موسم 2004 ـ 2003
كما أن النادي الكتلوني هو الوحيد الذي حقق ربحا صافيا (المداخيل ـ المصاريف) بلغ 8.8 مليون يورو خلال موسم 2008 ـ 2007
رغم عدم فوزه خلاله بألقاب و رغم الأزمة المالية العالمية الضاربة أطنابها وقتئذ.
حقوق النقل التلفزيوني مكنت برشلونة من عائدات بلغت 158.4 مليون يورو (%43 من مجموع المداخيل)
من ضمنها 31 مليونا وفرتها التوزيعات المركزية للاتحاد الأوروبي لكرة القدم.
في هذا الإطار، فإن البارسا وقع عقدا مع ميديابرو يجري حتى موسم 2013 ـ 2012
ستزيد الإيرادات التلفزيونية بموجبه بقيمة متوسطة لتبلغ على الأقل 150 مليون يورو في السنة.
عائدات بيع التذاكر حققت نموا هي الأخرى (4 ملايين يورو أي بنسبة %4) لتستقر عند عتبة 95.5 مليونا
وهو رقم مرشح للارتفاع خلال المقبل من المواسم خصوصا في حالة تنفيذ مشروع توسيع ملعب النوكامب و إضافة العديد من التحسينات على مرافقه.
من جانب آخر، 112.0 مليون يورو شكلت مجموع المداخيل التجارية للنادي الكتلوني (بنمو بلغ 27 مليون يورو بنسبة %32)
كانت حصة الأسد فيها لشركة نايك المرتبطة بعقد تدفع بموجبه للبارسا ما لا يقل عن 30 مليون يورو كل سنة.
البرسا وقع كذلك عقود رعاية مع العديد من الشركاء كاتصالات الإماراتية (عقد يمتذ لأربع سنوات مقابل 3 ملايين في السنة)
وبيتفير الإنجليزية (عقد لسنتين مقابل مليوني يورو في السنة)، مما ساهم في ازدياد المداخيل التجارية للفريق.
أخيرا و ليس آخرا، يمكن تلخيص الحالة المالية للبارسا ـ الذي لا يتقاضى أية أموال عن إعلان القميص ـ بالممتازة جدا والنامية بثبات
واستمرار مما جعله النادي الأقل مديونية من بين فرق العصبة المالية (ديون النادي لا تتجاوز 200 مليون يورو).