حقا.. إن العالم بِأسرِه شعوبا وحُكومات، مُثقفين وأدباء، عُلماء وحُكماء، كِبار وصِغار، رجال منهم أو نساء، يِقفون حائرين أمام تِلك القضية التى طالما ينتظر الجميع حُكما نَاصِفا مُلزِما فيها، حقا هل أصبح الوقت الضائع مُتهما حقيقيا يقف خلف قُضبان الحياة فى كثير من قضايا الفشل وإجهاض التطور والإبداع؟، أم أنه برىء ويحتاج فقط للتوجيه السليم والإدراك الحسى لأهميته؟.
إن الوقت يُمثل عمر الإنسان وحياته ِبأكملها، والوقت والحياة وجهان لعملة واحدة، فعندما نتحدث عن الوقت، فإننا نتحدث عن الوجه الآخر للحياة، وإذا ما تحدثنا عن النجاح فإننا نُثمِن قيمة الوقت، ولذلك فان إهدار الوقت قادرا على إن يكون كُرةٌ من لَهب يُنهِى على الحياة البشرية، كثير من ساعات حَياتِنا تَمضى ولا نُدرك أين مضت ونُدرك فقط أنها مضت ولم ولن تعود، فليس من الحكمة أن نتحد من ليس لديهم شىء يخسرونه، وهذا يؤكد أن كل ساعة نمضيها فى التخطيط الفعّال نوفر على أنفسنا إضعافها فى التنفيذ، ونحقق نتائج أفضل.
فالحقيقة التى لا يمكن أن نتجاهلها هو أننا جميعاً مُتساوون من حيث كمية الوقت المتاح، لكننا نختلف فى كيفية إدارته واستخدامه، ومن هنا يَلمع جوهر النجاح الحقيقى والإبداع لمن استثمر هذا الوقت. ولعلنا نستشعر الآن أن إضاعة الوقت هو جَهل مُدرك، والجاهل عدو لنفسه على مدى العصور والأزمان فكيف يكون صديقا للإنسان؟!
لقد أكدت الدراسات العلمية الحديثة أن الوقت يتسم من حيث المرونة بالجمود فلا يمكن ادخاره للمستقبل ولا يمكن تعويض ما مضى منه والحكمة تُشير إلى أن الذى يُولد لِيزحَف، لا يستطيع أن يطير ... فماذا ننتظر ..!!؟
هل ننتظر أن تنتهى الحياة بلا إبداع ولا رقى، هل ننتظر أن تُسيطر على عُقولِنا أفكار تقودنا إلى صراع فكرى غير مسئول، هل ننتظر أن نُنُهى على طموحاتنا وأفكارنا دون تخطيط جيد وتنفيذ مثالى يعكس حضارتنا ورقى إيماننا بأهمية الوقت الضائع، هل ننتظر أن نَحرِق بأيدينا فى كل ساعة صفحة مُضيئة لأبناء جِيلنا، وفى كل يوم كِتابا جديدا لمُثقَفِينا، وفى كل شهر فِكرا متميزا لأُدبائِنا، وفى كل عامٍ ثَروة عِلمية لعُلمائِنا، بين عَالم يسُوده التطور والإبداع فى مختلف المجالات.
لقد حان الوقت أن يخرج القاضى عن صمته، وأن يحكم للوقت الضائع بالخروج من خلف القضبان، وان تَكون حَيثِيات حُكمه العادل هى أن قَطرة المطر تَحفر فى الصخر.. ليس بالعُنف ولكن بالتِكرار، وليُكمِل كٌل مِنا مَسيرته كيفما يشاء لإضافة لمحة بارزة لحياته، وأن يَفنِى من وقته وفكره وقُدرته على العمل ما يستطيع به ضمان بقائه الفكرى والوجدانى، حان الوقت أن يَضرب بكل ما أوتى من قُوة على كلٍ ذَرة فكرٍ تَقوده إلى الوراء، فالضربات القوية تًُهشم الزجاج ولكنها تَصقل الحديد.
فالنجاح والإبداع لا يُـعتد به إلا إذا تم فى حُدود الوقت المُحدد لتحقيق الأهداف، فما عليك إلا أن تَستخدم عَقلك فى الوجه الأصلح، لأنه إذا استخدم الإنسان عقله فى الوجوه الصالحة، يضمن أهم وأقوى أساس يُعتمد عليه فى تَنظيم سُلوكِه وتصرفاته، وكن على عِلم أن الرجال كالأرقام، قِيمتهم عند مَواضعهم، وأن الحياة ليست أنفاس نرددها بل إنها مزيد من الجد والعمل، حاول أن تَستَثمِر أوقاتك حتى فى أسوأ الظروف ولو بنظرة تأمل إلى المستقبل، لأنه لكى يكون الإنسان على طريق النجاح لابد له من الاعتبار بالماضى واستثمار الحاضر والنظر للمستقبل، حتى لا يُباغِتَك الوقتُ الضائع ويَهوِى بك خلف قضبان الحياة !.